وجهة نظر
ابن كيران يتوعد الموظفين بعد أن قال للتماسيح عفا الله عما سلف !
خالد أوباعمرنشر في لكم يوم 01 – 12 – 2012
لم تمض إلا أيام فقط على نشر لوائح مقالع الرمال من قبل وزير النقل والتجهيز عبد العزيز الرباح، الذي أعطي له الضوء الأخضر من قبل عرابه في الحزب ورئيسه في الحكومة، عبد الإله ابن كيران، في إحدى الجلسات المخصصة لمسائلته عن سياسات حكومته التي تنفذ ما يطلب منها كما جاء على لسان هذا الأخير في عدة مناسبات…حتى تفجرت عبقرية رئيس حكومتنا الموقرة من جديد، فطلع لنا بمنشور رئاسي يفتح الحرب عن الموظفين الذين يتغيبون عن عملهم بطرق اعتبرها غير مشروعة.
منشور السيد رئيس حكومة محاربة “الفساد والاستبداد” التي تحولت في غضون أشهر فقط إلى حكومة ” عفا الله عما سلف” بعد فشلها الذر يع والمدوي في مواجهة التماسيح والعفاريت، التي أطلق عليها ابن كيران اسم الحزب السري في المغرب…ليس هو المنشور الأول الذي تناول إشكالية الغياب في الإدارة العمومية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هو الأخير.
لقد سبق رئيس الحكومة في إثارة هذا الموضوع الشائك بواسطة المناشير، كل من سبقوه إلى الرئاسة، ومع ذلك، لا أحد من هؤلاء السياسيين والتقنقراط، استطاع أن يوقف النزيف أو ينهي المعضلة.
قبل أن يصدر السيد رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، منشوره الرئاسي الذي جاء ليصب الزيت على النار، كان عليه وهذا من باب الحكمة السياسية، إن كانت لديه، أن يسأل وزيره في الوظيفة العمومية ، إن كان يتوفر في أرشيف وزارته على أي دراسة حاول من خلالها الوزراء السابقين فهم الأسباب البنيوية الكامنة وراء استفحال هذه الظاهرة ” الغياب” التي نبتت ونمت وتجدرت في الإدارات العمومية إلى الحد الذي أصبحت فيه ثقافة قائمة الذات؟
من المؤكد أن السيد عبد الإله ابن كيران، لم يفعل ذلك، وهذا ما يجرنا إلى التساؤل عن السبب الذي عجل بخروج منشوره بشأن معالجة إشكالية تغيب الموظفين، في وقت لم يستطع فيه السيد رئيس الحكومة، حسم معركة الفساد التي فتحها في قطاع النقل والتجهيز ضد المتربصين برخص النقل وبرخص استغلال مقالع الرمال في البحر والبر؟
لجوء رئيس الحكومة إلى فتح معارك صغيرة في مواجهة الفساد، ذليل على أن الرجل لا يمتلك الشجاعة السياسية الكافية لترتيب أولوياته في مجال محاربة الفساد داخل الدولة . كما أنه مؤشر واضح على أنه لا يمتلك خارطة طريق واضحة، لكسب رهان معاركه الكبرى ضد التماسيح والعفاريت، التي عاثت في البلاد فسادا واستبدادا، وقامت بنهب المال العام وتهريبه لبنوك آسيا وأوروبا وأمريكا بطرق غير مشروعة ومن دنو حسيب ولا رقيب .
الإشكال الكبير والخطير الذي يمس المرفق العمومي للدولة، لا يكمن في الغياب كما يوهمنا منشور السيد رئيس الحكومة بذلك، بل يكمن في وجود الآلاف من الموظفين الأشباح، الذين تم استنباتهم في الإدارات العمومية كالطحالب لاعتبارات غير منطقية، أدت إلى امتصاص الميزانية العمومية مند فجر الاستقلال إلى اليوم… ولهذا كان لزاما على الحكومة التي يقودها حزب رفع شعار محاربة “الفساد والاستبداد” في حملته الانتخابية يوم 25 نونبر 2011، ألا تتقدم بمنشور فقط، بل بقانون لتصفية الإدارة المغربية من كل رموز الاغتناء الغير مشروع من أموال الدولة، ووضع حد لكل جرائم الاختلاس والهذر التي اقترفت في حق هذه الإدارة، وهي جرائم تشهد عليها تقارير المفتشيات العامة والمجلس الأعلى للحسابات دون أن يطال مقترفيها العقاب أو الجزاء.
منشور السيد رئيس الحكومة، يفترض فيه أن يكون مسبوقا بدراسة بنيوية شاملة عن وضعية المرفق العام في المغرب، حتى يستطيع الوقوف عند الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تغيب الموظفين، لا سيما، وأن المغاربة يدركون تماما الدور السلبي الذي لعبه رجال السياسة وأصحاب الجاه والنفوذ والمال، في بلقنة الإدارة وإغراقها بالأشباح عند كل استحقاق تشريعي أو تنصيب حكومي أو عرس انتخابي جماعي…وليس منشورا للاستهلاك السياسي والإعلامي على حساب الموظف العمومي، الذي بات الحلقة الأضعف إلى جانب المعطلين في صراع الحيتان الكبيرة داخل الدولة.
إعلان الحكومة الحرب ضد موظفي الدولة، الذين لاتصل الميزانية المرصودة للقطاع الذي ينتمون إليه، حتى لربع الميزانية المخصصة لبعض القطاعات الأخرى، يطرح أكثر من علامة استفهام عن توقيته، إذا أخدنا بعين الاعتبار، النقاشات المطروحة اليوم لدى الرأي العام، بخصوص العلاوات، ورخص النقل، ومقالع الرمال، وتهريب الأموال للخارج، والتهرب الضريبي، والصناديق السوداء، و رخص الصيد في أعالي البحار، وقمع الحريات النقابية والسياسية، والتعامل بعنف مع الحركات الاحتجاجية المطلبية…الخ؟
لقد كان حريا بالحكومة أن تسرع بالحوار الاجتماعي مع النقابات من أجل مواجهة الاحتقان والاستجابة الفورية لعدد من المطالب المشروعة للموظفين ، بدل الاختباء وراء منشور رئاسي، تنطوي خلفيته على تهديد ووعيد ومصادرة لحقوق للموظفين، مستمدة من نص الدستور، الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال إلغائه أو تجاوزه بواسطة منشور رئاسي، إعمالا لمبدأ تدرج القوانين وسموها.
نعم لتخليق الإدارة المغربية، نعم لإقرار الحكامة في تدبير المرفق العمومي وفق قواعد الشفافية، نعم لوضع حد للتسيب الإداري وتحديد المسؤوليات…لكن، وفق أي أصول؟ هل من المنظقي أن تلتف الحكومة عن مطلب المساواة وتكافؤ الفرص ” وضعية المتصرفين والتقنيين مثلا” في الوظيفة العمومية وعن الحق في الإضراب، وتسارع في ذات الوقت إلى محاصرة الموظف وابتزازه بمنشور يصب الزيت على النار؟
تخليق الإدارة العمومية ينبغي أن يتأسس على سياسة بنيوية واضحة المعالم وقادرة على المزاوجة بين الحق والواجب ومعرفة الوضع السوسيو اقتصادي للموظف العمومي، وليس على اختيارات أحادية الجانب، لا تتعامل مع الموظف وإطاراته النقابية كشريك في هذا الورش، الذي يقتضي المقاربة التشاركية والحقوقية، انسجاما على الأقل مع التوجهات الكبرى المعلن عليها في الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان ، التي أنجزت في وقت سابق لتضمين البعد الحقوقي في السياسات العمومية للدولة.
الوضع في المغرب جد محتقن، وأولويات التخليق ومحاربة الفساد والاستبداد ينبغي أن تنصب على الملفات الكبرى، التي تؤثر على صورة المغرب في الخارج وعلى استقراره في الداخل، وليس على الموظف العمومي، الغارق في بؤس الحياة الاجتماعية، والضحية الأول والأخير للسياسة والسياسيين…
لم تمض إلا أيام فقط على نشر لوائح مقالع الرمال من قبل وزير النقل والتجهيز عبد العزيز الرباح، الذي أعطي له الضوء الأخضر من قبل عرابه في الحزب ورئيسه في الحكومة، عبد الإله ابن كيران، في إحدى الجلسات المخصصة لمسائلته عن سياسات حكومته التي تنفذ ما يطلب منها كما جاء على لسان هذا الأخير في عدة مناسبات…حتى تفجرت عبقرية رئيس حكومتنا الموقرة من جديد، فطلع لنا بمنشور رئاسي يفتح الحرب عن الموظفين الذين يتغيبون عن عملهم بطرق اعتبرها غير مشروعة.
منشور السيد رئيس حكومة محاربة “الفساد والاستبداد” التي تحولت في غضون أشهر فقط إلى حكومة ” عفا الله عما سلف” بعد فشلها الذر يع والمدوي في مواجهة التماسيح والعفاريت، التي أطلق عليها ابن كيران اسم الحزب السري في المغرب…ليس هو المنشور الأول الذي تناول إشكالية الغياب في الإدارة العمومية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هو الأخير.
لقد سبق رئيس الحكومة في إثارة هذا الموضوع الشائك بواسطة المناشير، كل من سبقوه إلى الرئاسة، ومع ذلك، لا أحد من هؤلاء السياسيين والتقنقراط، استطاع أن يوقف النزيف أو ينهي المعضلة.
قبل أن يصدر السيد رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، منشوره الرئاسي الذي جاء ليصب الزيت على النار، كان عليه وهذا من باب الحكمة السياسية، إن كانت لديه، أن يسأل وزيره في الوظيفة العمومية ، إن كان يتوفر في أرشيف وزارته على أي دراسة حاول من خلالها الوزراء السابقين فهم الأسباب البنيوية الكامنة وراء استفحال هذه الظاهرة ” الغياب” التي نبتت ونمت وتجدرت في الإدارات العمومية إلى الحد الذي أصبحت فيه ثقافة قائمة الذات؟
من المؤكد أن السيد عبد الإله ابن كيران، لم يفعل ذلك، وهذا ما يجرنا إلى التساؤل عن السبب الذي عجل بخروج منشوره بشأن معالجة إشكالية تغيب الموظفين، في وقت لم يستطع فيه السيد رئيس الحكومة، حسم معركة الفساد التي فتحها في قطاع النقل والتجهيز ضد المتربصين برخص النقل وبرخص استغلال مقالع الرمال في البحر والبر؟
لجوء رئيس الحكومة إلى فتح معارك صغيرة في مواجهة الفساد، ذليل على أن الرجل لا يمتلك الشجاعة السياسية الكافية لترتيب أولوياته في مجال محاربة الفساد داخل الدولة . كما أنه مؤشر واضح على أنه لا يمتلك خارطة طريق واضحة، لكسب رهان معاركه الكبرى ضد التماسيح والعفاريت، التي عاثت في البلاد فسادا واستبدادا، وقامت بنهب المال العام وتهريبه لبنوك آسيا وأوروبا وأمريكا بطرق غير مشروعة ومن دنو حسيب ولا رقيب .
الإشكال الكبير والخطير الذي يمس المرفق العمومي للدولة، لا يكمن في الغياب كما يوهمنا منشور السيد رئيس الحكومة بذلك، بل يكمن في وجود الآلاف من الموظفين الأشباح، الذين تم استنباتهم في الإدارات العمومية كالطحالب لاعتبارات غير منطقية، أدت إلى امتصاص الميزانية العمومية مند فجر الاستقلال إلى اليوم… ولهذا كان لزاما على الحكومة التي يقودها حزب رفع شعار محاربة “الفساد والاستبداد” في حملته الانتخابية يوم 25 نونبر 2011، ألا تتقدم بمنشور فقط، بل بقانون لتصفية الإدارة المغربية من كل رموز الاغتناء الغير مشروع من أموال الدولة، ووضع حد لكل جرائم الاختلاس والهذر التي اقترفت في حق هذه الإدارة، وهي جرائم تشهد عليها تقارير المفتشيات العامة والمجلس الأعلى للحسابات دون أن يطال مقترفيها العقاب أو الجزاء.
منشور السيد رئيس الحكومة، يفترض فيه أن يكون مسبوقا بدراسة بنيوية شاملة عن وضعية المرفق العام في المغرب، حتى يستطيع الوقوف عند الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تغيب الموظفين، لا سيما، وأن المغاربة يدركون تماما الدور السلبي الذي لعبه رجال السياسة وأصحاب الجاه والنفوذ والمال، في بلقنة الإدارة وإغراقها بالأشباح عند كل استحقاق تشريعي أو تنصيب حكومي أو عرس انتخابي جماعي…وليس منشورا للاستهلاك السياسي والإعلامي على حساب الموظف العمومي، الذي بات الحلقة الأضعف إلى جانب المعطلين في صراع الحيتان الكبيرة داخل الدولة.
إعلان الحكومة الحرب ضد موظفي الدولة، الذين لاتصل الميزانية المرصودة للقطاع الذي ينتمون إليه، حتى لربع الميزانية المخصصة لبعض القطاعات الأخرى، يطرح أكثر من علامة استفهام عن توقيته، إذا أخدنا بعين الاعتبار، النقاشات المطروحة اليوم لدى الرأي العام، بخصوص العلاوات، ورخص النقل، ومقالع الرمال، وتهريب الأموال للخارج، والتهرب الضريبي، والصناديق السوداء، و رخص الصيد في أعالي البحار، وقمع الحريات النقابية والسياسية، والتعامل بعنف مع الحركات الاحتجاجية المطلبية…الخ؟
لقد كان حريا بالحكومة أن تسرع بالحوار الاجتماعي مع النقابات من أجل مواجهة الاحتقان والاستجابة الفورية لعدد من المطالب المشروعة للموظفين ، بدل الاختباء وراء منشور رئاسي، تنطوي خلفيته على تهديد ووعيد ومصادرة لحقوق للموظفين، مستمدة من نص الدستور، الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال إلغائه أو تجاوزه بواسطة منشور رئاسي، إعمالا لمبدأ تدرج القوانين وسموها.
نعم لتخليق الإدارة المغربية، نعم لإقرار الحكامة في تدبير المرفق العمومي وفق قواعد الشفافية، نعم لوضع حد للتسيب الإداري وتحديد المسؤوليات…لكن، وفق أي أصول؟ هل من المنظقي أن تلتف الحكومة عن مطلب المساواة وتكافؤ الفرص ” وضعية المتصرفين والتقنيين مثلا” في الوظيفة العمومية وعن الحق في الإضراب، وتسارع في ذات الوقت إلى محاصرة الموظف وابتزازه بمنشور يصب الزيت على النار؟
تخليق الإدارة العمومية ينبغي أن يتأسس على سياسة بنيوية واضحة المعالم وقادرة على المزاوجة بين الحق والواجب ومعرفة الوضع السوسيو اقتصادي للموظف العمومي، وليس على اختيارات أحادية الجانب، لا تتعامل مع الموظف وإطاراته النقابية كشريك في هذا الورش، الذي يقتضي المقاربة التشاركية والحقوقية، انسجاما على الأقل مع التوجهات الكبرى المعلن عليها في الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان ، التي أنجزت في وقت سابق لتضمين البعد الحقوقي في السياسات العمومية للدولة.
الوضع في المغرب جد محتقن، وأولويات التخليق ومحاربة الفساد والاستبداد ينبغي أن تنصب على الملفات الكبرى، التي تؤثر على صورة المغرب في الخارج وعلى استقراره في الداخل، وليس على الموظف العمومي، الغارق في بؤس الحياة الاجتماعية، والضحية الأول والأخير للسياسة والسياسيين…