أسباب غياب أو تغييب الضمير المهني في المجال التربوي.
بقلم : ذ. محمد أفردو –نيابة برشيد-
يعتبر الضمير المهني من الصفات الضرورية التي يجب على كل عامل أو موظف أن يتصف بها في كل مجال من مجالات العمل، حيث أن عملا كيفما كان يقتضي الإتقان والمهارة التي هي جزء لا يتجزأ من الضمير المهني فأي عمل هو بأي شكل من الأشكال خدمة للآخر وللمجتمع بصفة عامة، وتغييب الضمير المهني عن العمل يسبب الإضرار بمصالح الآخر … الشيء الذي يتعارض مع أخلاقيات كل المهن على حد سواء دون تخصيص…إن تغييب الضمير المهني في اية مهنة، يعرض ممتهنها إلى تغليب الطابع المادي عليه، حيث يكون همه الوحيد والأوحد هو الراتب الذي يتقاضاه نظير فترة عمله، دون اعتبار جانب الإتقان في العمل أو خدمة الآخر الذي ينتظر الكثير منا .من جهة آخرى فالضمير المهني هو وسيلة مراقبة ذاتية لقياس مدى نجاح أي عامل في ما يعمله، حيث أنه يحكم ضميره ليحدد مدى نجاحه في عمله والعكس صحيح.
إن العمل التربوي لا يمكن أن ينجح و يتميز بالجودة الا اذا توفر هذا العنصر ,فالضمير المهني في الميدان التربوي أساس نجاح العملية التعليمية و التعلمية, لكن نجد في أحايين كثيرة أن هذا العنصر المهم يكون غائبا أو يتم تغييبه لأسباب عديدة و متعددة نقف على البعض منها :
1- غياب التشجيع و المكافئة: إن العمل التربوي يحتاج بالإضافة إلى الأنشطة اليومية التي تدخل في مهام الأستاذ ,إلى البحث و الابتكار ,إلا أن غياب التشجيع قد يؤدي بالأستاذ الى الاحساس بأنه غير مهتم به و بما يقوم به و بالتالي الاحساس بالملل و النفور من كل نشاط قد يكون خارجا عن مهامه و أحيانا إلى التقصير فيما هو من اختصاصه.
2- عدم الاستقرار النفسي: إن الاستاذ ككائن بشري ,قد يسقط في كثير من الحالات في مشاكل إما عاطفية أو مرضية أو أسرية أو…, أو هي مجتمعة ,مما قد يخلق لديه نوعا من عدم الاستقرار , بحيث يتأثر عمله اليومي بما يعيشه من أوضاع صعبة مما يجعله يشعر بالنقص و عدم الرضى اتجاه نفسه أولا ثم غيره ثانيا, مما يؤدي الى الاحساس بعدم الرغبة في العمل بحماس و جدية .
3-الروتين اليومي: حين يستلم الاستاذ العمل لليوم الأول فإن الحماس والرغبة في التطوير يخالجانه بقوة لكن مع مرور الوقت ومع انتشار الروتين و قلة ذات اليد أمام الإرتفاع الصاروخي للأسعار و قلة الـتأطيرو غيرها من الأسباب التي تقتل الحماس و الرغبة في التجديد و الانخراط في التغيير.
4- الوضع الراهن للمنظومة التربوية: إن الوضع الكارثي الذي تعيشة منظومتنا التربوية و تدني مستوى التحصيل لدى المتعلمين لأسباب كثيرة وانتشار ظواهر كانت في الأمس القريب غريبة عن المجال التربوي و عن مجتمعنا ككل ,ونذكر على سبيل المثال لا الحصر : التحرش بالتلاميذ و التلميذات داخل الفضاء التربوي و الاغتصاب وانتشار العنف ضد الأستاذ ,كلها عوامل ساهمت في تشويه سمعة الاستاذ و المدرسة عموما ,مما جعل الكثير يفقد الثقة في الأستاذ و المدرسة ,مما دفع بالأستاذ الى الاحساس بالظلم و الاهانة و بالتالي الى التقصير في العمل و تغييب الضمير المهني.
5- غياب الوازع الديني: ان غياب الوازع الديني عند الكثير ممن يمارسون مهنتهم التربوية خصوصا داخل الفصول الدراسية يجعلهم لا يستحضرون ضميرهم و مراقبة الخالق عزو جل لهم ,مما يجعلهم لا يقومون بواجبهم المهني على أحسن و جه أو على الأقل يقومون بمجهود لتبليغ الرسالة في حدود طاقتهم و امكانياتهم.
6- المثل السيء : قد يكون وراء غياب الضمير المهني أو تغييبه عند بعض الموظفين الى الاقتداء بأشخاص آخرين داخل محيطهم المهني أو محيطهم الاجتماعي و الذين لا يقومون بواجبهم المهني على اعتبار أن المجتمع لا يمكن اصلاحه و ان الاجتهاد و بذل الجهد سوف لن يأتي بنتيجة و بالتالي فان كل مجهود او التفاني في العمل يعد مضيعة للطاقة. و حرق للأعصاب.
من يقرأ مقالكم قد يعتقد أن غياب الضمير المهني مبرر و أن صاحبه مضطر للتصرف بلامسؤوبية