مستجدات التعليم بالمغرب وجهة نظر

الاضراب بين ممارسة الحق واكراه الاقتطاع من الأجر

الاضراب بين ممارسة الحق واكراه الاقتطاع من الأجر
صورة من الأرشيف

مراسلة الاستاذ: رشيد عربوش
كعادته لم يقم المشرع بتعريف الاضراب فاتحا المجال امام الفقه القانوني تولي هذه المهمة ، وقد اجتهد هذا الاخير في ذلك وقدم عدة تعاريف للاضراب يمكن اختزالها في التعريف التالي :”الاضراب هو التوقف الجماعي المؤقت والمتفق عليه عن العمل لكل أو بعض العاملين في المرفق العام او مرفق اخر وذلك من اجل الضغط على المشغلين بهدف تحقيق مطالب مهنية”.
ودون الخوض في تاريخ نضالات الطبقة العاملة في مواجهة المشغلين (ارباب العمل) والتي عرفت اوجها في اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين يعتبر الدستور المكسيكي لسنة 1917 اول تشريع دستوري في العالم يضمن الحق في الاضراب.
اما في المغرب فقد مر حق الاضراب بمرحلتين اساسيتين ، مرحلة ماقبل دستور 1962 ثم المرحلة الدستورية.
فقبل المرحلة الدستورية قَصَر المستعمر الفرنسي حق الاضراب على العمال والموظفين الفرنسيين والاجانب بالمغرب دون العمال والموظفين المغاربة ، وعلى الرغم من صدور مرسوم بتاريخ 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين المغاربة للحق النقابي فان هذا الاخير عاقب على كل توقف عن العمل وهو الامر الذي ايده الاجتهاد القضائي ممثلا في المجلس الاعلى من خلال قرار له سنة 1961 حيث اعتبر الاضراب بمثابة خرق للمقتضيات القانونية المتعلقة بالوظيفة العمومية.
اما المرحلة الدستورية فقد تميزت بتنصيص الدساتير المغربية (1962-1970-1972-1992-1996) على ان”حق الاضراب مضمون وسيبين قانون تنظيمي الشروط والاجراءات اللازمة لممارسة الحق” ، وقد اعاد الفصل 29 من دستور سنة 2011 صياغة هذا المقتضى في فقرته الثانية كالتالي :” حق الاضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”.
وما يثير الاستغراب هو انه على الرغم من التنصيص الدستوري على حق ممارسة الاضراب فان القانون التنظيمي المؤطر له لم يصدر بتاتا ، مما يطرح اشكاليات قانونية بخصوص كيفية ممارسة هذا الحق من طرف الموظفين وصلاحية الادارة المشغلة في الاقتطاع من الاجر بسبب الاضراب.
ومن المعلوم ان دسترة الاضراب لم يمنع الادارة من اللجوء الى الاقتطاع من الاجر وهو مايطرح التساؤل حول مشروعية هذا الاجراء الاداري وعن الاساس القانوني في ذلك.
ومن المغالطات التي يقع فيها البعض الاعتقاد ان القضاء الاداري المغربي اتجه في احد احكامه الى الغاء قرار الاقتطاع من الاجر بسبب تنفيذ الاضراب من خلال الحكم رقم 3772 بتاريخ 27/11/2013  ملف 262/5/2013  الصادر عن المحكمة الادارية بالرباط وهذه المغالطة ناتجة اما عن عدم الاطلاع على نص الحكم باكمله ودراسة تفاصيله او عن جهل واقع في اللغة القانونية ، فمن خلال الرجوع الى حيثيات الحكم السالف الذكر نجد ان المحكمة الادارية بالرباط لم تقم بالغاء قرار الاقتطاع من الاجر بسبب الاضراب باعتباره اجراء لا يستند على اساس قانوني وبالتالي عدم مشروعيته ، وانما الغته بسبب عدم احترامه لاحد اهم الاجراءات المسطرية في اتخاذ القرار الاداري والمتمثل في ضرورة توجيه استفسار الى الموظف المعني بالامر قبل مباشرة اجراء الاقتطاع .
والاخطر من ذلك هو الاعتراف بحق الادارة في الاقتطاع بسبب الاضراب طبقا لقاعدة “الاجر مقابل العمل” باعتباره مبدأ اقره الاجتهاد القضائي.
وعليه فامام غياب قانون تنظيمي لحق الاضراب فانه يبقى  للموظف حق ممارسة الاضراب وفي المقابل ستتمسك الادارة بصلاحية الاقتطاع من الاجر بسبب الاضراب وفقا لمبدأ الاجر مقابل العمل وفي ظل غياب اساس قانوني يكبح صلاحيتها في ذلك في انتظار صدور قانون تنظيمي لحق الاضراب.

بقلم الاستاذ رشيد عربوش  باحث في القانون  حاصل على ماستر القضاء الاداري.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button