التحاق الاساتذة المتدربين، إكراهات بالجملة وتفاؤل لا يعترف بالمستحيل…
بقلم : و. لحسن ، استاذ متدرب.
صبيحة هذا اليوم 19 شتنبر، انطلقت الدراسة فعليا بمختلف المؤسسات التعليمية الوطنية، ومعها التحق الفوج الجديد من الأساتذة المتدربين بمؤسسات تعينهم. الاساتذة الجدد كتب عليهم أن يلتحقوا كمتدربين وليس كموظفين، وذلك لاستكمال الشق العملي من التكوين، بعد أن أمضوا ستة أشهر من النضال ضد مرسومي وزارة التربية الوطنية.
ارتسامات اللقاء الأول مع المؤسسات والأقسام والتلاميذ شاركها الأساتذة الجدد على مجموعة تنسيقيتهم على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أغلب ما تضمنته هذه التدوينات يمكن تصنيفه الى أربعة أنوع.
النوع الأول خصه أصحابه للتعبير عن استيائهم وقلقهم بسبب عدم تسوية وضعياتهم نظرا للفائض الذي تعرفه مؤسسات الاستقبال التي عينوا بها، ويذكر أن الوزارة أصدرت سابقا مذكرة تنظم هذا الوضعية، غير أن أغلب الاساتذة الذين وجدوا أنفسهم في وضعية فائض، عبروا عن إمتعاظهم بسبب ردود بعض المديرين الإقليمين وبعض مدراء المؤسسات التعليمية، وسجل المعنيون اختلافا غير مبرر في طريقة تعاطي هذه المديريات والمؤسسات مع حالاتهم، وصل هذا الاختلاف حد التباين كما جاء في بعض التدوينات. وفي انتظار أن تسوى وضعياتهم لاحقا، يظل مصير هؤلاء الاساتذة الجدد معلقا إلى حين. وجدير بالذكر أن أغلب هؤلاء الأساتذة تكبدوا مشقة الالتحاق من مناطق بعيدة و تحملوا تكاليف نقل اأثاثهم ومستلزماتهم واستأجروا منازل للاستقرار في أماكن التعيين، ليجدوا أنفسهم مضطرين إلى الانتقال من جديد صوب أماكن أخرى.
أما النوع الثاني من تدوينات الأساتذة المتدربين، فتصف الوضع المزري الذي تعيشه بعض المؤسسات التعليمية خاصة الابتدائية بالمناطق النائية. وتوضح الصور التي شاركوها على ذات المجموعة، الوضعية المزرية التي وصلت إليها حالات الأقسام بهذه المؤسسات، وتبدوا خلالها السقوف متأكلة وأغلب الطاولات متهالكة والأقسام مليئة بالغبار. صور أخرى من إحدى الاعداديات تظهر قسما لا يحتوي على سبورة خشبية، وتم الاستعانة بدلها بصباغة الحائط باللون الأسود، من أجل استعماله كسبورة. أستاذة أخرى تشكو حال الاكتظاظ في قسمها الذي وصل على حد تعبيرها مستويات قياسية. في حين أستاذة أخرى نشرت تدوينة حول تكليفها، في منطقة نائية حيث لا ماء ولا كهرباء، بتدريس تخصصي اللغة العربية واللغة الفرنسية للمستويات الستة بالمدرسة الابتدائية التي عينت بها.
تعليقات الأساتذة على الوضع حملت طابعا تهكميا خاصة فيما يتعلق بشعار الجودة الذي ترفعه الوزارة الوصية، وكتب احد الاساتذة : “… على ما يبدو انني لم أكن على دراية تامة بمعنى الجودة، إذا كان هذا حال الجودة ببلادنا…” في إشارة إلى وضعية القسم الذي كلف بالتدريس فيه، اخرون علقوا بكون شعارات الوزارة في واد والواقع في واد أخر.
تدوينات النوع الثالث، خصها أصحابها لوصف ظروف العمل وأجواء الالتحاق بمقرات العمل، وعبر الاساتذة الجدد من خلالها على الظروف الصعبة والمزرية التي عاشوها من أجل الالتحاق. أحد الاساتذة نشر صور رحلة تنقله إلى فرعيته عبر عربات مهترئة في طرق غير معبدة ويظهر الغبار يملأ المكان . أستاذ أخر نشر تدوينة يقول فيها : “باش تجي وتلقى دوار كامل فيه الضوء والماء ومتلقاهومش في السكنا لي عطاوك زعما! عرف ان قيمة الأستاذ تساوي لاشيء…”، في إشارة الى تعينه بنواة ثانوية إعدادية في إحدى قرى الأطلس الكبير الشرقي. أستاذ من الأقاليم الجنوبية، نشر صور لعقرب يقول أنها الثالث الذي يزور بيته منذ التحاقه بالمنطقة. صور أخرى توضح معاناة أساتذة وأستاذات في جلب مياه الشرب من الآبار او من السقايات الجماعية.
أما النوع الأخير من التدوينات، فتضمنت حماس الأساتذة الجدد وعزمهم على أداء رسالتهم النبيلة رغم كل الظروف، واضعين نصب أعينهم هدفا واحدا و اوحد ، وهو تدريس ابناء المغرب المنسي على حد تعبير البعض. وجاءت في تدويناتهم توصيات ودعوات للاهتمام بالمتعلمين وجاء في إحداها : ” … فقط اعتنوا بأبناء الشعب…” في حين كتب أخر تعليقا على صورة التقطها : ” الغروب الأخير قبل التحاقنا لخدمة ابناء الوطن” وأضاف : “…غذا إشراقة جديدة سنكون نحن روادها”. تدوينة أخرى وجهها أستاذ متدرب لزملائه و اختار لها عبارات : ” الان عدتم من النضال الصغير الى العمل والتضحية الكبيرين، مع أطفال بعيدين في الهامش الذي نعرفه… وبقوة مجهوداتكم سيتلقون أبجديات الحياة…” . أخر كتب بدوره : “نحن مجندين لتربية وتعليم أبناء الوطن ومساعدتهم على تحصيل معارفهم من أجل بناء مجتمع منتج وفعال …” . تدوينة أخرى كتب صاحبها يقول ” لا تنسوا أن التلاميذ ساندوكم في نضالكم… فناضلوا من أجل تكوينهم وتدريسهم بجدية…”.
هذا جزء مما استقبل به الملتحقين الجدد بمنظومة التربية والتكوين الوطنية مسيرتهم المهنية التربوية، تفاؤل لا يعترف بالمستحيل وعزم على أداء الرسالة رغم كل الظروف وجسامة الاكراهات، هكذا هم أساتذة فوج الكرامة، نضال من أجل التكوين ومن أجل التدريس الجاد، فمسيرة موفقة لكم ولكل رجال التعليم.