الغربة تصنع الرجال
بقلم محمد النوري
تلميذ بسلك أولى بكالوريا بالتعليم الثانوي التأهيلي
شعبة العلوم الفزيائية
ثانوية طارق بن زياد التأهيلية – نيابية فاس
استيقظَ في المساء مع 5:00 فجرا على صوت هاتفه، فأجاب فإذا به تلقى صوت صديقه..، والمفاجأة هو إخباره بأن يقترحون وقتا يهاجرون فيه الى بلاد المهجر، في الأول استغرب الشاب لكن الصديق أقنعه ففكروا في الأمر وأسسوا على أن يذهبوا بعد أسبوع..
في يوم الأحد التقى الصديقان وذهبا إلى محطة القطار بفاس.. وقرروا الاتجاه إلى طنجة لكي يقصدوا وجهتهم إلى الديار الاوروبية وبالضبط (فرنسا)، وذلك قصد العمل، لكن الشاب كان متأكدا أن أمه ستتدمر بدونه، علما أن عمره لا يتجاوز العشرين، غير أن الفقر هو الذي جعله يفعل ذلك في الأيام الأولى (في المهجر) ويكابد مشاق العمل من أجل توفير لقمة العيش، وتحسين الوضعية المالية والاجتماعية لأسرته الصغيرة، وتشريف الأم الحنون بمستقبل يفوح بالضياء والنور…
تفارق الصديقان كلا قصد وجهته، الشاب الأول بدأ يزاول مهنة “صاحب النفايات” في شوارع المهجر، مما جعل تلك الجراثيم تدخل إلى جسمه، وفي يوم من الأيام أحسَّ بألمٍ شديد في قلبه، فأخذ زيارة الطبيب المختص، فأخبره بأنه مصاب بمرض صعبَ العلاج، وأيامه أصبحت معدودة… تأزَّم الشاب في البداية، لكن مع الوقت فهم الأمر وبدأ يصلي ويدعي الله ويطلب من معارفه أن يدعوا معه…
في يوم رجوعه إلى البلاد الحبيبة- وكم هو شوق جلي يبهج الوجه وأنت تعود إلى مسقط رأسك – بينما هو يتحدث مع أمه أحس بألم أشد من السابق في قلبه، وكانت الفاجعة الكبرى هو وفاته قبل وصوله الى المغرب..
والحكمة أننا أحيانا نعيش لأنفسنا وليس لغيرنا، لكن متاعب الحياة ومشاقها تتطلب منا أن نعيش لأنفسنا وان نعيش لمن حولنا، وفراق الألم صعب، خصوصا في الغربة، وفي مفارقة الحياة قبل أن تنظر الأم المسكينة إلى ولدها وفلذة كبدها، وتستمع لمشاكله التي جعلها أياما في أسرار يتألم منها في صمت…
إن بلادك و أمك لا يقدّرون بثمن… شباب اليوم أرجوكم لا تفكرون بالغربة بل اخدموا بلدكم وستنعمون باللطف وأنت بين حنين الأهل ودفئ العمل رغم هزالته، وهذا لا يعني أن الغربة فاشلة وتحاكي المعاناة، بل المعاناة تصنع الرجال وتقوي العزائم، لأنها البداية التي تشعر بضرورة التقدم والتغيير…
مراسلة عبد الرحمان بنويس