المؤتمر السادس لUNTM درس ديمقراطي
بقلم: خالد السطي
عرس ديمقراطي حقيقي عاشه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب نهاية الأسبوع الأخير؛ عرس مخالف لكل الأعراس النقابية على الأقل ببلدنا، حيث كانت الكلمة الأولى والأخيرة لأعضاء المؤتمر الذي حسم في اختيار أمين عام جديد هو الأستاذ عبد الاله الحلوطي خلفا للأستاذ محمد يتيم الذي قاد المنظمة لولايتين متتاليتين لا يسمح بأكثر منهما وفق مقررات وقوانين المنظمة التي صادق عليها مختلف الهيئات المسيرة للاتحاد،ولعل ما يميز نقابة الاتحاد و ش م عن الهيئات الشريكة خصوصا حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح جاؤوا للنقابة انطلاقا من مهنهم او تمثيليتهم في النقابة او صفتهم كممثلين للأجراء ومناديب العمال وكذا لنضاليتهم الميدانية، مما دفع بالعديد منهم الى التعبير عن سعادتهم لما شاهدوه وعاينوه خصوصا وان منهم عاش مؤتمرات لنقابات أخرى قبل التحاقهم بالاتحاد ومن أبرز نجاحات المؤتمر ما يلي:
1- احترام المؤسسات: وقد تجلى ذلك في التهييء للمؤتمر الوطني السادس للمنظمة والذي تزامن موعده الحقيقي مع قرب الاستحقاقات الانتخابية فناقش المكتب الوطني إمكانية تأجيل موعد المؤتمر إلى ما بعد الانتخابات المهنية على اعتبار أن الجهود ينبغي أن توجه لهذا الهدف من أجل كسب رهان التمثيلية والتموقع ضمن المنظمات الأكثر تمثيلا،وهذا الاقتراح فرض علينا عقد مجلس وطني استثنائي في أكتوبر 2014 ثم مؤتمر وطني استثنائي في دجنبر 2014 والذي صادق على المقترح ووضع سقف نهاية دجنبر 2015 لعقد المؤتمر الوطني السادس للمنظمة،والنتيجة أن حاز الاتحاد على صفة الأكثر تمثيلا واعتبر أكبر الفائزين حيث رفع من عدد مناديبه في القطاع الخاص على سبيل المثال بنسبة 145% فيما رفع الاتحاد المغربي للشغل حصته بالقطاع نفسه بنسبة 60% فقط والاتحاد العام للشغالين بنسبة 40% (وفق إحصائيات وزارة التشغيل)، كما فاز الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بأربعة مقاعد بالقاسم الانتخابي في انتخابات مجلس المستشارين وكان المنظمة الوحيدة التي حافظت على عدد مندوبها واستقطبت حوالي 600 صوت إضافي عكس باقي المركزيات التي حصلت على أصوات تقل عما حققته في انتخابات يونيو2015.
2- الإعداد للمؤتمر بعد تكليف اللجنة التحضيرية للمؤتمر من طرف المكتب الوطني والتي ترأسها القيادي عبدالله عطاش تم وضع برنامج عمل وتشكيل اللجن الوظيفية أعقبها عقد المجلس الوطني الذي صادق على مقررات وأوراق المؤتمر والتقرير الاجتماعي والتي أرسلت للجهات والأقاليم للمدارسة حيث تم تنظيم حوالي 60 مؤتمرا انتدابيا إقليميا و12 مؤتمرا جهويا لاختيار مناديب المؤتمر وحصة المجلس الوطني في المؤتمر من الجهات، وتابع الكاتب العام المنتهية ولايته ترتيبات المؤتمر بشكل يومي وترأس لقاءات المكتب الوطني التي بقيت مفتوحة إلى أن بقي لموعد المؤتمر ساعات قليلة، في نذرة قاسية من الإمكانيات المادية إلى درجة أن البعض اقترح تأجيله ،وهذا ما أكده محمد يتيم في المؤتمر حينما أكد أن المؤتمر نظمناه بإمكانيات جد ضعيفة فيما أوضح جامع المعتصم في كلمته الختامية بأن مثل هذه المؤتمرات ترصد لها ما بين 300 الى 500 مليون سنتيم في حين أن ميزانية تسيير المنظمة ككل السنوية لا تتجاوز 2,3 مليون درهم.
3- نوعية ضيوف المؤتمر من نجاحات المؤتمر الوطني السادس للاتحاد نوعية الضيوف التي حضرت الجلسة الافتتاحية بدءا بالأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة والذي ألقى خطابا أمام المؤتمر والوزراء خصوصا وزيري التشغيل والوظيفة العمومية المعنيان بالحوار الاجتماعي وممثلي النقابات المغربية والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ونقابات من تركيا والسودان وموريطانيا حيث تم توقيع اتفاقيات شراكة وتعاون معها وضيوف آخرون،وقد مرت الجلسة الافتتاحية في ظروف جيدة ونوعية خصوصا وان منشطيها من كوادر النقابة الوطنية للشركة الوطنية الإذاعة والتلفزة (ا و ش م)وهما أيضا مندوبين في المؤتمر الوطني السادس.
4- الترشيح لا الترشح واستحضار المسؤولية من الأبجديات التي تتضمنها مقررات المنظمة أن لا يطلب اي عضو الترشيح للمسؤولية بل ان أعضاء المؤتمر هم من يرشحون من بين أعضائه وفق شروط معينة،حيث يقترح كل عضو من أعضاء المؤتمر من شخصين إلى ثلاثة ممن يرون فيهم شروط قيادة المنظمة بعد ذلك يتم الفرز والاحتفاظ بالثلاثة الأوائل وهو ما تم في المؤتمر السادس حيث تم اختيار كل عبد الإله الحلوطي وعبد الصمد مريمي وجامع المعتصم،لتنطلق المرحلة الموالية وهي التداول في الأشخاص الثلاثة من طرف أعضاء المجلس الوطني فيما باقي أعضاء المؤتمر يستمعون للمرافعات التي تبرز مواصفات هذا أو ذاك وأهليته للمسؤولية، ومن أجمل اللحظات وأعلاها نبلا في مرحلة التداول هو دعوة مرشح من المرشحين لمنصب قيادة المنظمة التصويت على الآخر كما حصل مع مريمي الذي دعا إلى التصويت على الحلوطي وعلى المعتصم فيما دعا الحلوطي أعضاء المؤتمر إلى التصويت على جامع المعتصم،وبعد انهاء عمليات التداول تمت عملية التصويت حيث حصل الحلوطي على المرتبة الأولى بفارق تسعة أصوات فقط عن جامع المعتصم دون أن يحصل الثلاثة على نسبة +50% مما حتم المرور إلى الدور الثاني بين المرشح المحتل للمرتبة الأولى والمرشح الثاني ليحصل الحلوطي على المرتبة الأولى بنسبة 55,6% من الأصوات وباقي الأصوات لجامع المعتصم (42%) ليتم انتخاب الحلوطي كاتبا عاما جديدا للاتحاد والتي تغيرت إلى صفة الأمين العام للاتحاد.
5- استكمال أجهزة المنظمة في الآجال المحددة بعد انتخاب الحلوطي على رأس المنظمة أصبحت العديد من الصلاحيات تحت مسؤوليته ،ومن أبرزها اقتراح نائبي الأمين العام وأعضاء المكتب الوطني ورئيس المجلس الوطني،حيث عمل بعد التشاور كما صرح على اقتراح (منافسه على قيادة المنظمة) جامع المعتصم نائبا أولا وعبد الصمد مريمي نائبا ثانيا في إشارة بليغة لاعتماد أصوات المؤتمر الذي اختار الثلاثة في البداية ،كما اقترح لائحة لأعضاء المكتب الوطني ضمت مختلف الفعاليات بمن فيهم الذين لم يدعموا الحلوطي في التداول ،وعبروا عن مواقف أخرى وفق قناعاتهم لكن في إطار النصوص والمقررات،كما اقترح الأمين العام وفق صلاحياته ثلاثة أسماء على المجلس الوطني لاختيار رئيس المجلس حيث اقترح المكتب كلا من محمد يتيم ومحمد الزويتن وعبد الله عطاش حيث حاز محمد يتيم على أغلبية الأصوات ليكلف بمهمة رئيس المجلس الوطني والذي كان يشغله جامع المعتصم في المرحلة السابقة.
6- تمت خلاصات واستنتاجات لعل من أبرزها أن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الذي أصبح القوة النقابية الثانية في المغرب وفق نتائج استحقاقات مجلس المستشارين الخاصة بفئة المأجورين قدم لباقي المركزيات درسا حقيقيا في الديمقراطية الداخلية والتي أضحت من عيوب مركزيات خصوصا تلك التي لم تغير قيادتها منذ تأسيسها أو التي غيرتها بعد وفاتها أو التي غيرتها بعد مرضها والانقلاب عليها أو تلك لازالت خلافاتها على القيادة لدى القضاء،علما أن محمد يتيم وباقي قيادة النقابة كان بإمكانهم إيجاد مخرج للتمديد لولاية أخرى خصوصا وان المنظمة وفق العديد من مناضليها في حاجة إلى خدمات يتيم الذي لازال في مقدوره قيادة النقابة علما أنه لم يكمل الستين عاما عكس باقي القيادات النقابية بالمغرب.أيضا الذين حضروا المؤتمر الأغلبية منهم شاهدوا تفاصيل المؤتمر والانتخابات لأول مرة بل منهم لم يصدق ما الذي يحصل وكيف أن مرشحين لمنصب الكاتب العام يدعون للتصويت لغيرهم وكيف للذي فاز يقول انه أكبر خاسر لثقل المسؤولية وكيف لمن اختاره المؤتمر يضع بجانبه في قيادة المنظمة من كان “ضده “في التداول دون حسابات ضيقة ودون شروط محددة،بل حتى الذين تم اختيارهم للمكتب الوطني لم يعلموا بالأمر إلا حينما تم عرض اللائحة على المجلس الوطني للمصادقة وذلك وفق قاعدة المسؤولية تكريم وليست تشريفا.
7- إن المؤتمر الوطني السادس للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ما هو إلا بداية ستعقبه مؤتمرات قطاعية لأزيد من 56 جامعة ونقابة وطنية و12 مؤتمرا جهويا والمؤتمرات الإقليمية وذلك من أجل تجديد القيادات النقابية للمرحلة المقبلة،وليس محمد يتيم وحده من استكمل ولايتين في المسؤولية، بل حتى قيادات قطاعات مهمة أكملت هي الأخرى ولايتين ولا يحق لها الترشيح للولاية الثالثة ومنهم أغلب الكتاب الجهويين والإقليميين للاتحاد وكذا الكتاب العامون لقطاعات، الجماعات المحلية والسككين والفلاحة والفوسفاط وغيرها، كما أن القانون الداخلي يفرض على الأمين العام الجديد للمنظمة ذ الحلوطي التخلي عن منصب الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم رغم ترأسه النقابة لولاية واحدة منذ ماي 2010، وبهذا تعتبر محطة المؤتمر الوطني السادس للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب نجاحا كبيرا في التمرين الديمقراطي وتوسيع نطاق الممارسة الديمقراطية ومشاركة المناضلين من خلال مشاركتهم في كل إقليم في اختيار مندوبي المؤتمر ومشاركتهم جهويا في اختيار حصة جهتهم في المجلس الوطني ومدارستهم لكل الأوراق المعروضة في المؤتمر وتعديلها.