مستجدات التعليم بالمغرب وجهة نظر

ما يقع داخل المؤسسات التعليمية ترجمة لما هو سائد في المجتمع

عبد الإله دحمان
يعتبر تنامي العنف داخل المؤسسات التربوية مؤشرا خطيرا على عطب حقيقي في وظيفة المدرسة وعلاقتها بالمجتمع، فالمؤسسة التعليمية مطلوب منها وظيفيا تصحيح اختلالات المجتمع لكنها الْيَوْمَ وأمام الواقع المتردي لمنظومتنا أصبحت المدرسة العمومية ضحية ظواهر اجتماعية ومسلكيات خطيرة تتهدد مكوناتها، ثم العنف بشكل عام هو ظاهرة مجتمعية وليس منتوجا مدرسيا، أي إن حالة الإفلاس العام في القيم والأخلاق التي تسود الآن عملية تحول المجتمعات في ظل العولمة والتحولات الكبرى على مستوى العمران البشري عجزت مؤسسات التنشئة الإجتماعية عن مواكبتها سواء على مستوى الإعلام، أو المدرسة أو الأسرة أو غيرها من المؤسسات المجتمعية الأخرى؛ ثم ما يقع داخل مؤسساتنا  هو رجع الصدى لما يسود داخل المجتمع ويعكس الفجوة بين المؤسسة التعليمية ومحيطها ويختزل أزمة وظيفة المدرسة بشكل عام..  فالمدرسة أو المؤسسة التعليمية هي بيئةٌ شاملةٌ تحتوي على فئاتٍ مختلفةٍ من الأجناس وهي النموذج مصغر للمجتمع الذي يحتضنها، وبالتالي انعدام التأثير المتبادل بين المجتمع والمدرسة يفاقم تعبيرات العنف المختلفة.

وبلا شك، مسؤولية السلطة الحكومية التربوية قائمة نتيجة تبني خطاب رسمي يبخس الشغيلة التعليمية حقها ودورها، بل هناك مجموعة من القرارات ساهمت  في تدمير الصورة الرمز للمدرسين والمدرسات خصوصا على مستوى حزمة من التشريعات التي جعلت من المدرس مجرد رسول معلومة أو حارس فصل، ولم تمنحه الحرية المطلوبة لكي يقوم بدوره التربوي، أظن أن تشييء  عملية   التعليم وغلبة النفس التقني عليها، سواء على مستوى البرامج والمناهج والكتب المدرسية، ساهم في هدر كرامة الشغيلة التعليمية ناهيك عن تعميق الأزمة الاجتماعية والمادية والمهنية للكثير من الفئات العاملة؛ وأظن أن مسلسل الإهانة كان سياسة ممنهجة اتجاه الشغيلة وأدوارها في المجتمع.

الاحتجاج والإضراب ليس حلا مباشرا وليس هدفا في حد ذاته،  لكنه رسالتنا كأسرة تعليمية اتجاه الدولة والسلطة الحكومية المدبرة للقطاع، إنه صرخة للفت الانتباه إلى تفاقم مشكل الاعتداءات ضد الأسرة التعليمية ليس فقط من أبنائنا التلاميذ، ولكن أيضا من العنف المحيط بالمؤسسة التعليمية بشكل يومي، فهناك محاولات اغتصاب في القرى وأعالي الجبال والفرعيات المتواجدة بالغابات والمناطق النائية يتصدى لها نساء ورجال التعليم والغيورين على القطاع ، لذا الإضراب هو محطة للتنبيه للازمة المستشرية داخل المجتمع، لأن منطق التبرير لم يعد مجديا، والتواطؤ بالصمت لم يعد مقبولا، وعليه يجب وفِي إطار المسؤولية الجماعية لكل مكونات القطاع والمجتمع والدولة أن تتحرك لأن ما يقع مؤشر خطير عن انحدار قيمي يتهدد المجتمع بشكل عام وليس الأسرة التعليمية التي تعتبر ضحية الْيَوْمَ. 

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button