وجهة نظر

هل أتاك حديث معاناة رجل التعليم بالعالم القروي؟

– بقلم ذ.ع.الرحيم هريوى         
هل أتاك حديث معاناة رجل التعليم بالعالم القروي ،البعيد منه والقريب؟؟                                                       
مما لايدع مجالا للشك ، فرجل التعليم؛ أصبح العنصر البشري المهم جدا في المجتمع.لماذا؟؟ 


  لأن على كتفيه يتم حمل ثقل العملية التعليمية /التعلمية برمتها ، وعن طريقه يتم أي إصلاح  منشود، لأن بواسطته يتم تمرير المحتويات الدراسية المقررة في البرامج والمناهج التعليمية  بالحجرات الدراسية ، فلهذا يقال في الأدبيات التربوية  بأن التعليم الجيد يساوي= مدرس جيد +برنامج جيد…وقد فطنت الدول الناعمة بذلك منذ زمان، لما حسبتها جيدا، لتسابق الزمن وتكون لها كلمتها بين الأمم في الألفية الثالثة، فكوريا الجنوبية مثلا  قامت بربط التعليم بالتكوين، وسنغفورة الدولة المغمورة في الجنوب الشرقي  من آسيا ،أصبحت بين عشية وضحاها من الدول الرائدة في العالم ،لأنها آهتمت بقطاع التربية والتكوين بشكل لافت للنظر، وجعلته من القطاعات الاستراتيجية  الكبرى للبلاد، عن طريق توفير كل الموارد التي يحتاجها ، وكذلك كان ،لأنه اعتبر الرافعة الأساسية للتقدم الاقتصادي والرفاهية للمجتمع السنغفوري… وكذلك فعلت تركيا التي أدمجت تكنولوجيا الإعلام والتواصل بشكل كبير  في برامجها الدراسية حتى أمسى الأطفال يحملون في محافظهم الالكترونية كل ما يحتاجون إليه. وكذلك فعلت أيضا  إيران وغيرها ،في وقت ما زال وجود حاسوب بالقسم بالنسبة لأطرنا التربوية/ التعليمية، مضيعة للزمن الدراسي للمتعلمين، وخرق للتشريع المدرسي،  وربما يعرض صاحبه للمساءلة ، مادام تعليمنا ما زال مرتبطا ارتباطا شديدا بالسبورة الخشبية وألوان الطباشير، وهضم الدروس عبر الإلقاء اليومي في سباق مجنون مع الزمن ،نعم إنه الزمن الدراسي بكل إيقاعاته بمدارسنا المغربية…                               
                                    
لكل هذا نجد أن هذه الدول الرائدة في مجال التعليم العمومي أو الدول التي عرفت طفرة كبرى في إصلاح منظومتها  التعليمية ، لتصبح ذات جودة. فقد ركزت اهتمامها على المدرس ووفرت له  جميع الشروط المادية والمعنوية، من أجل العيش الكريم حتى يساهم وينخرط بشكل فعال في أي إصلاح منشود، للنهوض بالقطاع والرفع من جودة مخرجاته مستقبلا، واعتبرته عنصرا هاما وأساسيا داخل المنظومة برمتها ،وفاعلا اجتماعيا وسياسيا داخل المجتمع للدورالكبيرالمنوط به  في صناعة الإنسان وتكوينه ،التكوين السليم أخلاقيا وتربويا وثقافيا واجتماعيا ،ودمجه في الحياة اليومية بشكل إيجابي حتى يساهم في تطوير وتنمية المجتمع.                                                                                            
لكن للأسف الشديد نجد أن مدرسنا بالتعليم يعاني ويكابد ويضحي بالكثير ، وأخص بالذكر الذي يشتغل بالعالم القروي، بعيدا كان أم قريبا، بالفيافي والمناطق المعزولة ، بالجبال وقساوة طبيعتها ووعورة مسالكها، بالصحاري وباقي الأرياف بوطننا العزيز، من أجل تبليغ رسالته النبيلة، ونشر المعرفة والعلم وإنقاد الأطفال من براثين الجهل  والأمية  .                                                                             
فدعامات الميثاق الوطني لم تغفل هذه الفئة من أجل النهوض بها ، والاهتمام بمطالبها  ،لكن للأسف لم يتم تفعيل هذه البنود التي تعتبر معطلة إلى أجل غير  مسمى ،وحتى أثناء الحوار القطاعي بين النقابات والوزارة المكلفة ، فتعويضات العالم القروي ما زالت تراوح مكانها وكل مرة يتم التداول في الموضوع إلا وجئ بشروط  جديدة، للتحديد المناطق المستهدفة من هذه التعويضات، والتي تبقى هزيلة حتى وإذا ما قد  تم تعميمها على كل عامل بالعالم القروي  يقطع مسافة 40 كيلومتر ذهابا وإيابا، فلن تعوض له حتى مصاريف البنزين الشهرية والتي قد تتجاوز ماقيمته ما بين1000،00و،1200،00 ده لتصل إلى مابين 12000.00ده و144000،00 ده سنويا  وهو رقم لايستهان به إذا ما قورن بالاقتطاعات الأخرى  التي يعاني منها رجل التعليم بسبب القروض البنكية التي تثقل كاهله لكي يحصل على سكن قار، وسيارة  أمست ضرورية للتنقل اليومي لعمله ، في غياب تام لأي تعويض، وكل شيء يتم على حساب راتبه الشهري ، حيث لا يستفيد من  أي تعويضات يذكر على  التنقل…  وقد تزيد معاناة رجل التعليم بالعالم القروي أو تنقص  تبعا للظروف المحيطة بالعمل، وكذلك بنوعية المسالك التي يعبرها يوميا، وهل هي معبدة أم لا؟ وهل يتنقل عبر وسائل النقل العمومي؟ أم بواسطة سيارة خاصة؟ وهل يتنقل لوحده أم مع مجموعة من الأساتذة والأستاذات؟ أم يتنقل بواسطة دراجة نارية ؟ وهنا سيعاني أكثر  ،  صيفا وشتاء ،دون  ذكر الأمراض التي سيصاب بها نتيجة تقدم العمر وعدم القدرة على التحمل .فكيف ستكون نفسية رجل تعليم وهو  يعاني كل هذه الاكراهات ليحط الرحال في القسم وهو ملزم بالقيام بواجبه المهني على أحسن وجه في غياب أي تحفيز يذكر سواء كان معنويا أم ماديا؟؟                                                                                                                                         
إنه غيض من فيض، دون ذكر الاكراهات الأخرى والمتمثلة في ضعف البنية التحتية وغياب بعض المرافق الضرورية والأساسية في الحياة المدرسية للمتعلمين والمتعلمات ،إضافة إلى معاناة أخرى ناجمة عن الغياب الكلي للأسرة في الدعم  التعويضي المنزلي للفئات المتعثرة. وضعف المستوى لدى المتعلمين، وبعد المساكن عن الوحدات المدرسية ، مما يجعل أطفال العالم القروي يعانون من مشاكل جمة، في غياب الدعم الاجتماعي الضروري للأسر الفقيرة والمعوزة  ،من أجل المساهمة في الحد من الهدر والغياب المدرسيين ،وكل هذا وغيره  يجعل المدرس بالعالم القروي في صراع دائم و مستمر على أكثر من واجهة  ، لإنقاد ما يمكن إنقاده ، وتبليغ رسالته التربوية والتعليمية…  وفي آنتظار فك العزلة المرتقبة  عن العالم القروي من خلال مشاريع تنموية واجتماعية، والتفكير الجاد في شراكات  حقيقية بين الجماعات القروية وباقي الشركاء الاقتصاديين ووزارة التربية الوطنية من خلال تحيينها  لقوانيين جديدة ملزمة حتى يساهم الجميع في المدرسة الجمعاتية بالعالم القروي…

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button