وجهة نظر

أبي أرسلني الى المدرسة الشعار الذي رفعته الحكومة التركية لتعميم التمدرس

أحمد ايت أعلي: أستاذ باحت في علوم التربية

كان هذا هو الشعار الذي رفعته الحكومة التركية لتعميم التمدرس وفك العزلة عن العالم القروي. وهو فعلا ما تحقق إذ أنشأت الحكومة الأردوكانية البنية التحتية التربوية والثقافية اللازمة لإنجاح الورش التربوي التركي والإصلاح التعليمي الحقيقي، بعيدا عن شعارات الميثاق الوطني للتربية والتكوين في المغرب الذي كان جوابا سياسيا أكثر منه جوابا تربويا وبيداغوجيا، وبرنامج بيداغوجيا الكفايات والإدماج، وإعلان إصلاح الإصلاح المتمثل في المخطط الاستعجالي2009_2014.

فرغم سلسة الإصلاحات التي شرع فيها المغرب، فإن آخر البيانات والتقارير الدولية تؤكد على أن منظومتنا التربوية دخلت مرحلة الاحتضار. إذا لم تقدم السلطات الوصية وصفة طبية عاجلة لاستئصال كل الأمراض، وتجاوز كل المعضلات التربوية، قصد ترسيخ اليات الحكامة الجيدة وتحسين جودة التعليم والإرتقاء بوظائف المدرسة المغربية العمومية، فإن هذا الوضع سيؤدي إلى سكتة قلبية. هذا في الوقت الذي قامت فيه حكومة العدالة والتنمية، طبعا التركية، أولا بتوفير الوسائل الديداكتيكية واللوازم اللوجيستيكية الضرورية، وثانيا بتزويد الأقسام بالسبورة الالكترونية عوض الطباشير و”البونجة”، وثالثا بتوزيع “الأيباد “مجانا على جميع التلاميذ والطلبة لتنمية الكفايات التكنولوجية الحقيقية وتطبيق مبدأ اقتصاد المعرفة، بدلا من إرهاق كاهل أسر التلاميذ بالمصاريف، كما هو الحال عندنا، وإثقال ظهر المتعلم بالمحفظة الثقيلة وكأنه يمارس رياضة حمل الأثقال، وتنوع الكتب المدرسية بين العلمية والأدبية والتشكيلية، وتعدد اللغات المدرسة إلى درجة صعوبة اكتساب التلميذ لأي منها. إضافة إلى ذلك عملت الحكومة التركية على الرفع من أجور الأساتذة لتشجيعهم على أداء الواجب المهني كما ينبغي، في الوقت الذي، للأسف، لايزال العديد من أطر هيئة التدريس في حكومة العدالة والتنمية بالمغرب يقبع في سجون وغياهب السلم التاسع، في زمن ارتفعت فيه الأسعار وتطالب فيه الشغيلة التعليمية بحقوقها المهضومة في ظل تراجع دعم النقابات التعليمية. وقد كانت الحصيلة واضحة بين حزبين لهما نفس المرجعية ونفس التسمية؛ فالأول أوصل تركيا إلى مراتب متقدمة. فتركيا تحتل الرتبة السادسة عشر اقتصاديا وغزو الأسواق العالمية، وبفضل حزب العدالة والتنمية، تمكنت تركيا من أداء الديون المتراكمة وتحولت إلى دولة مدينة لصندوق النقد الدولي. أما حزب العدالة والتنمية المغربي فزاد من الأزمة ورفع الأسعار والبطالة رغم حكم المحكمة الإدارية بتشغيل المعنيين بمحضر20 يوليوز، وتنظيم مهرجان موازين الذي دشن بظهور مخلوق فضائي شبه عاري…
وفي الأخير يمكن التأكيد أن الميسم المميز للسياسة التعليمية التركية أنها أفرزت مجتمعاً منتجاً وفاعلاً، فيما ظلت السياسة التعليمية المغربية بمثابة آلة لتفريغ أفواج من المعطلين وأنتجت مجتمعا استهلاكيا، تأكد ذلك في تنطيم مهرجان موازين رغم الأزمة الحادة والمسابقة الدولية في المشوي بإحدى المدن المغربية والتي فاز بها الفريق الدنماركي… وتأسيسا على ذلك لا يمكننا أن نتكلم عن إصلاح تربوي حقيقي في ظل غياب توافق سياسي لكافة الحساسيات الوطنية واستبدال المقاربة الكمية بمقاربة نوعية، وكذا تفعيل المقاربة التشاركية وتعبئة مجتمعية، لكسب رهانات التنمية الشاملة التي تناشدها جل المجتمعات وتحقيق مشروع مجتمع المعرفة، وتأهيل جيلنا نحو المستقبل والمنافسة المعرفية الحضارية. فإلى أي حد تستطيع حكومتنا ارتداء المعطف التركي والسير على المنهج الأردوكاني؟؟؟
أحمد ايت أعلي: أستاذ باحت في علوم التربية

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button