تعليممؤسسات تعليمية

تتويج قصة محاكمة الفلسفة لمريم اللحية من ثانوية ابن عربي التأهيلية‎ بالجائزة الأولى في مسابقة أحمد بوزفور للقصة القصيرة

  سعيد حفياني ــ أستاذ اللغة العربية ــ سلك التعليم الثانوي التأهيلي
تحت إشراف عمالة سيدي بنور، نظمت جمعية منتدى الإبداع الثقافي والفني، بتاريخ 14 و15 أبريل 2017، الملتقى الوطني للقصة القصيرة في دورتها الثانية؛ دورة أحد الأصوات المائزة والحاضرة في المشهد القصصي الراهن، إنه رائد القصة القصيرة الأستاذ أحمد بوزفور. وإذا كان اليوم الأول من الملتقى قد خصصت أهم فقراته لحفل الافتتاح وانعقاد جلسة القراءة بالمركز الثقافي بسيدي بنور، فإن اليوم الثاني شهد بثانوية الإمام الغزالي فتح قناة التواصل بين المتعلمات والمتعلمين والأستاذ أحمد بوزفور، وتتويج الفائزين والفائزات في المسابقة المحلية للقصة القصيرة، وكذا تنظيم مائدة مستديرة تحت عنوان “القصة القصيرة: الراهنية والآفاق”.

وقد كانت الجائزة الأولى لهرم القصة الأستاذ أحمد بوزفور من نصيب المتعلمة “مريم اللحية” بالسنة الثانية بكالوريا علوم فيزيائية، ثانوية ابن عربي التأهيلية الواقعة بتراب جماعة الغربية، عن قصة “محاكمة الفلسفة” التي استطاعت بحبكتها المتقنة، وبالتزامها بمقومات الكتابة القصصية، من خلال توظيف محكم لعناصر الحكاية (الأحداث، الشخصيات، المكان والزمان) وعناصر الخطاب (السرد، الوصف والحوار)، أن تضاهي نصوصا إبداعية شاركت في المسابقة الوطنية للقصة القصيرة لفئة الشباب برسم سنة 2017، كما جاء على لسان الشاعر والقاص الأديب الطاهر لكنيزي. وبهذا الشرف والتتويج تكون “محاكمة الفلسفة” قد تربعت على عرش كتاب “طلائع إبداعية”، الذي يضم بين دفتيه نصوصا إبداعية تلميذية تنتمي إلى جنس القصة والشعر والزجل، إضافة إلى المسرح والمقالة، إذ تم الحرص على جمع مادته في إطار مشروع بيداغوجي من إعداد وتأطير الأستاذ سعيد حفياني والأستاذ عبد الرحيم ستيك، وبتنويه وتشجيع مائزين من السيد مدير ثانوية ابن عربي التأهيلية الأستاذ محمد المحبوبي والسيدة مفتشة اللغة العربية لسلك التعليم الثانوي الأستاذة نورة صادق وبمباركة وبدعم من جمعية آباء وأولياء التلاميذ بالثانوية، مشروع يروم الارتقاء بالحياة المدرسية، وتشجيع المتعلمات والمتعلمين على طرق باب الكتابة. 
وقد راهنت القاصة الواعدة من وراء “محاكمة الفلسفة” على تبليغ رسالة آنية الموضوع، مؤداها ضرورة إعادة الاعتبار للفلسفة لما لها من دور في التنشئة الفردية منها والاجتماعية، وفي أنسنة الإنسان، من خلال مراجعة المناهج المتعلقة بها، إن على مستوى الوعاء الزمني المخصص لها، أو على مستوى المضامين وطرائق التدريس، حتى يؤدي الدرس الفلسفي دوره الحقيقي المنوط به، بما يسمح للمتعلم تنمية قدرته على النقد وإصدار الأحكام واتخاذ المواقف، ولن يتأتى ذلك إلا بدفعه إلى التفلسف عن طريق الحوار والمناقشة، بدل تمهيره على منهجية مسكوكة يضطر معها إلى اجترارها يوم الامتحان على ورقة تحريره.

وتستمد قصة “محاكمة الفلسفة” مرجعية متوالياتها السردية، من قولة الناقد المصري يوسف القعيد: “إنني لا أكتب إلا عندما يكون خلل ما في الواقع، وأنا شخصيا أفقد رغبتي عن الكتابة عندما ينتفي هذا الخلل”، فالقاصة، إذن، عبرت على لسان سارد متوار عن خلل يتجلى في واقع الفلسفة في القرن الواحد والعشرين حيث أصبح ينظر إليها نظرة ازدراء؛ كونها، حسب البعض، أضحت تشكل خطراً على الدين، إذ تؤدي إلى زعزعة العقيدة والإيمان، وتبذر بذور الشك والإلحاد، وتخالف ما جاء به الإسلام لأنها تعتمد على إعمال العقل بعيداً عن النصوص الشرعية، مستدلين على رأيهم بما جاء به الفقيه ابن الصلاح الشهرزوري في قوله إن “الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال ومثار الزيغ والزندقة (…..) ومن تفلسف فقد استحوذ عليه الشيطان”. 
وهكذا، فإذا كانت “محاكمة الفلسفة” قد حظيت بشرف الظفر بالجائزة الأولى مكسرة سلطة الهامش الثقافي، فإن ذلك لم يأت من فراغ وإنما كان ثمرة مجهود الفاعلين بنادي الفكر والثقافة بثانوية ابن عربي التأهيلية، كل من موقع مسؤوليته، حيث كان الرهان مُبأراً على مدخل الحياة المدرسية وتفعيل أدوارها، باعتباراها السبيل الوحيد الذي بمُكنته ضمان قدرة المتعلم على التعبير عن آرائه واحتياجاته. وما دامت الكتابة كالرغبة لا تعرف متى تشتعل، واشتعالها غواية لا تنتهي، على حد قول الناقد عبد الرزاق المصباحي، فقد بات الجميع مطالبا بتنشيط الحياة المدرسية لتمكين رغبات الطاقات الواعدة من الاشتعال وانطلاق شعلتها نحو الأفق اللامنتهي. 
ونادي الفكر والثقافة بثانوية ابن عربي التأهيلية، إذ يهنئ نفسه بهذا التتويج، يتقدم بوافر الشكر وعظيم الامتنان إلى كل من جمعية منتدى الإبداع الثقافي والفني وإلى المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم المهني والبحث العلمي بسيدي بنور التي حققت جزءاً من آمالنا القصصية النبيلة. وكل عام والقصة بألف خير. 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button